طالب فهد بن عبدالعزيز آل صالح رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة اتحاد الصالحية السعودية المتخصصة في الصناعات التحويلية للتمور، دول الخليج العربية بوضع خطة ترويجية للتمور على المستوى العالمي على غرار الخطة التي طبقتها نيوزيلندا لترويج الكيوي وماليزيا لترويج زيت النخيل.
مشددا على ضرورة أن تشمل الخطة دعم الزراعة والتصنيع ومن ثم التعريف بالتمور وقيمتها الغذائية عالميا.واعتبر الصالح، الذي يشغل أيضا رئيس اللجنة الوطنية للتمور في غرفة التجارة السعودية، في حوار مع «البيان الاقتصادي»، إن السوق الخليجية المشتركة ستعمل على خلق فرص وبناء نهضة كبيرة في المنطقة، غير أن الأمر ـ كما قال ـ يحتاج إلى المزيد من الجهد والى دراسة تجارب التجمعات الإقليمية الأخرى للاستفادة من خبرتها.
وكشف أن شركته ستعلن خلال الشهرين القادمين عن إنشاء أول مصنع لإنتاج الايثانول عضويا، مؤكدا على أن المشروع حاليا قيد التنفيذ، قائلا ان انتاج المصنع يبدأ خلال الربع الثالث من العام الحالي 2008 وانه سيصل إلى 100 ألف ليتر يوميا، مشيرا في هذا الصدد إلى ان لدى الشركة خططا لاستثمار 5,1 مليار ريال خلال الخمس سنوات القادمة في هذا المجال.وفيما يلي الحوار:* ما الذي يدور في سوق التمور العالمي؟هناك ثلاث دول رئيسية تتحكم في السوق العالمي للتمور هي إيران ومصر والسعودية على التوالي، ويبلغ إنتاجها مجتمعة حوالي 5 ملايين طن سنويا، وتحتل المملكة المركز الثالث بعد إيران ومصر بإنتاج يصل 950 ألف طن من خلال 23 مليون نخلة.* ألا تعتقد أن 950 مليون طن هي كمية محدودة بالنظر إلى وضع المملكة؟950 ألف طن هذه إحصائيات المنظمة العالمية «الفاو» قبل عامين وبحساب معدل النمو السنوي لإنتاج التمور في السعودية والبالغ 7 بالمئة يكون الإنتاج الآن تجاوز المليون طن، بمعنى أننا نتحدث عن أكثر من مليار كيلو سنويا.
* ماذا عن العراق الذي كان احد الفاعلين الرئيسين في سوق التمور؟
العراق كان في السابق بالفعل احد ابرز الفاعلين في السوق لكن للأسف الشديد ما يتعرض له العراق منذ 15 سنة اثر كثيرا على إنتاج العراق واثر كذلك على معدلات النمو والتوسع في زراعة التمور في العراق فانحسرت بشكل مفجع. بالمقابل فإن معدلات النمو وتوسعات الإنتاج في السعودية والإمارات مطردة بشكل سريع وإذا استمر هذا النمو بهذه الوتيرة فخلال السنوات الخمس القادمة سيكون هناك تنافس واضح من ناحية الكم بين المملكة والإمارات على السيطرة على سوق التمور في المنطقة.
* هل تتابع إحصائيات إنتاج الإمارات من التمور؟
للأسف هناك تضارب في الأرقام فيما يخص إنتاج الإمارات من التمور وأنا بحكم رئاستي للجنة الوطنية للتمور في الغرفة التجارية في السعودية.. أتابع ما يصدر من إعلانات من الإمارات حيث أعلنت إحصائيات تقول بوجود 20 مليون نخلة في الإمارات ثم صدرت بيانات تصحيحية لهذا الرقم.
* كيف ترى مستقبل سوق التمور في ظل السوق الخليجية المشتركة؟
بالتأكيد ان اعتماد السوق الخليجية المشتركة سيفتح آفاقا جديدة ويسهل عمليات التبادل التجاري بين دول الخليج والسوق الخليجية المشتركة ستكون داعما مهما لهذه السوق وأتوقع أن تحدث نهضة وازدهار تجاري كبير في المنطقة، ومع ذلك اعتقد أننا كخليجيين ما نزال بحاجة للاستفادة من تجارب الاتحادات المشابهة خصوصا الاتحاد الأوروبي والتحالفات الاقتصادية في الغرب الأدنى. نحن بحاجة إلى دراسة وتقيم والاستفادة من تلك التجارب وفي نفس الوقت ينبغي أن نسير بنفس الرتم متوافقين ومتناغمين مع التطورات الكبيرة التي تمر بها المنطقة. رغم القصور والبطء الشديد الذي نعانيه في الإجراءات والقضايا الإدارية والتنظيمية.
* دول الخليج كما تعلم دول تكاد تنتج جميعها نفس المنتجات ألا يمكن أن تنعكس إجراءات السوق المشتركة سلبيا على تجارة التمور؟
في تقديري انه لن يكون هناك أي نتائج سلبية لأن هناك خصوصية لكل دولة بل إن هناك خصوصية لكل منطقة داخل كل دولة.. فنحن في المملكة على سبيل المثال لكل منطقة خصوصيتها في أنواع التمور وفي الجودة، كما أن هناك أنواعا من التمور السعودية تحظى بقبول لدى المستهلك الخليجي ولها أفضلية وخصوصية لديه، وهناك فرق كبير في أصناف التمور ما بين الأصناف التي تزرع في الإمارات أو حتى في منطقة خليجية أخرى عن الأصناف التي تزرع في المملكة.
* ما هي إمكانيات الاستفادة من هذه السوق الخليجية المشتركة في عمل منتجات عالمية منافسة؟
هذا الأمر سيكون ممكنا إذا ما وجدت قاعدة قوية تنطلق منها المصانع والشركات الخليجية للأسواق العالمية، قطاع التمور وصناعات التمور التقليدية في الخليج للأسف افتقدت كثير من التطوير وكانت الجهود المبذولة في عمليات التصدير للأسف جهود خجولة تكفل فيها بعض الشركات والأفراد.. غير أن تصدير التمور إلى الأسواق العالمية يحتاج إلى جهد كبير تلعب فيه الحكومات دور أساسي على غرار ما قامت به الحكومة النيوزيلندية لتسويق الكيوي في أوروبا أو على غرار الجهد الذي قامت به الحكومة الماليزية لتسويق زيت النخيل في العالم... نحن في اتحاد الصالحية نبذل جهودا كبيرة .
وليس هناك أي معرض عالمي مرموق للأغذية إلا ونشارك فيه ونحن الوحيدون الذين نحرص على المشاركة والتواجد.. لكن لا يمكننا وحدنا كشركة اخذ راية تسويق التمور الخليجية إلى العالم.. الموضوع يحتاج لجهود كبيرة، فعلى سبيل المثال اي منتج لابد أن يمر بمرحلة الاويرنس «التعريف»..
هذه العملية تحتاج كثيرا من الاستثمارات فيما يتعلق بالدعاية والإعلان عن المنتج وخصائصه.. الحكومة النيوزيلندية كانت تدفع لكبار وأشهر كتاب التغذية الصحية في أوروبا للتعريف بالقيمة الغذائية للكيوي..
وكانوا أيضا كحكومة يضغطون على محلات السوبرماركت والأسواق الغذائية في أوروبا لتشتري الكيوي.. وخلال خمس سنوات من برنامج فعال قادته الحكومة النيوزيلندية صار الكيوي عنصرا أساسيا في سلة الفاكهة في العالم... نحن بحاجة لمثل هذه البرامج، وهي برامج لا يمكن ان يقوم بها القطاع الخاص منفردا.
* ما هو المطلوب من الحكومات الخليجية تحديدا في هذا الجانب؟
المطلوب أن يكون لدى الحكومات خطة واضحة ـ وهذا ما نفتقده للأسف ـ خطة بعيدة المدى تقوم على أساس إحداث نهضة وتنمية شاملة لصناعة النخيل وتسويق التمور تشمل ثلاثة قطاعات: القطاع الزراعي والقطاع الصناعي ويواكبها نهضة مصاحبة في قطاع التسويق.
لا يمكننا تحقيق اي نجاح ما لم يكن هناك تنمية وتطوير شامل لهذه الجوانب الثلاثة المملكة لبعض، نحن والحمد لله في السعودية صار لدينا توجيه سامي بإنشاء مركز وطني للنخيل والتمور يعنى بتطوير صناعة التمور وتصديرها وتم الانتهاء من الدراسات الخاصة بالمشروع واعتقد انه سيحدث نقلة في صناعة وتصدير التمور في المملكة لكن لازلنا نتطلع إلى جهود اكبر بكثير مما هو حادث الآن على الواقع.
* نعود الآن للمملكة وشركة اتحاد الصالحية فما هي مكانة التمور في المملكة وكيف تطورت صناعه التمور فيها وأين تقف شركة اتحاد الصالحية في هذا كله؟
التمور في المملكة تمثل منتج وطني مرتبط بالعادات الاستهلاكية اليومية والتقاليد الغذائية اليومية للسعوديين ولعل اختيار النخلة كرمز وشعار للملكة هو التجسيد العملي لأهمية التمور بالنسبة للملكة... بالنسبة لنا كسعوديين التمرة هي غذاء وهي أيضا منتج للتباهي والتفاخر وهي سلعة تستخدم في كثير من الصناعات التحويلية.
خلال العشر سنوات الأخيرة حدثت قفزة كبيرة في الصناعات التحويلية المعتمدة على التمور وصار هناك منتجات كثيرة تعتمد على التمور كمشتق أساسي بل انه أصبح هناك منتجات خارجية صارت تصنع ويضاف لها التمور، كالسلع الغذائية الخاصة بالأطفال مثل السيريلاك والبيبي فود وغيرها.
وبشكل عام هناك توجه ليس سعودي فحسب بل هو توجه عالمي نحو استغلال القيمة الغذائية العالية للتمور في صناعات كثير متطورة ونحن في شركة اتحاد الصالحية تبنينا هذا التوجه بالتركيز على الصناعات التحويلية للتمور من خلال إطلاق أول شركة رائدة للتمور كشركة مساهمة برأس مال 300 مليون ريال موجهة لصناعة التمور والحلويات والشكولا. تعتمد على صناعات التمور التحويلية.
وسننتقل إلى تطوير منتجات جديدة تشكل قيمة مضافة للأسواق الغذائية في المنطقة وكذلك للأسواق العالمية. ونحن ماضون في عملية توسيع إنتاجنا الصناعي الذي نتوقع أن يصل بنهاية العام الحالي 2008 إلى أكثر من 15 ألف طن.
كما توسعنا في خططنا التسويقية والتوزيعية ولدينا حاليا أكثر من 70 فرع في السعودية والخليج وبنهاية العام ستصل إلى أكثر من 100 مركز تغطي الماركات الثلاث العالمية التابعة لنا «الصالحية» و«ديتلا» و«دالا كافية». كما نتوسع في الانتشار عبر نقاط التوزيع حيث نوزع حاليا في أكثر من 5000 نقطة توزيع في السعودية والخليج.
كما توسعنا في تأسيس شركات خارجية بما في ذلك شركات في الإمارات والكويت والبحرين وباريس وتركيا، وغيرها وشركاتنا هذه تعمل على تأمين التدفق المستمر لمنتجاتنا إلى الأسواق العالمية على مدار العام. وتمثل عمليتنا في الأسواق الخارجية حوالي 28 بالمئة من مبيعاتنا السنوية.
* ماذا عن منتجات اتحاد الصالحية؟
منتجاتنا الرئيسية موزعة مابين التمور والحلويات والشوكلا ونحن ننتج حاليا تشكيلة واسعة من الأصناف تصل إلى 350 صنفا منها منتجات التمور التقليدية ومنتجات التمريات والحلويات والشكولا.. وتمثل التمور تقريبا مدخلا رئيسيا لـ 70 بالمئة من مكونات تلك الأصناف.. وضمن استراتيجياتنا فنحن نطور منتجات جديدة كل ربع سنة.
* من يقوم بتطوير هذه المنتجات؟ هل لديكم وحدة للبحوث؟
لدينا وحدات متخصصة في الأبحاث والتطوير ووحدات متخصصة لمراقبة الجودة ونتعاون مع كثير من المراكز والشركات المتخصصة لتطوير كثير من المنتجات سواء في أوروبا والصين أو حتى في أميركا واليابان... ونحن نلتزم بالمقاييس العالمية حيث إننا مسجلين في الـ «اف دي ايه» بأميركا وجميع المواصفات التي نعمل عليها تكون متقدمة ومعتمدة عالميا ودقيقة جدا.
* هناك حديث متعاظم حاليا عن الصناعات العضوية واستغلال التمور في انتاج الوقود هل تفكرون في دخول هذا المضمار؟
نحن نعمل في هذا الاتجاه منذ عامين ونعمل حاليا على تاسيس شركة جديدة تابعة لـ «اتحاد الصالحية» متخصصة في صناعة السكر والعصائر والايثانول، وقد تم بالفعل الانتهاء من دراسة الجدوى للمشروع ونعمل حاليا على إنشاء مصنع للسكر والعصائر في الرياض وهناك توجه لتأسيس مصنع متخصص في صناعة الايثانول في مصر يعتمد على التمور وعلى كثير من مخرجات المصانع الغذائية غير المستغلة.
وقد أبرمنا اتفاقية أولية لتسويق هذه المنتجات مع أوروبا لتسويق منتجات المصنع خلال الثلاث سنوات القادمة وهناك توجه كبير للاستفادة من منتجات الاثيانول في صناعة البلاستيك وصناعة البويات وغيرها من الصناعات التحولية بالإضافة إلى صناعة البايوديز كوقود عضوي.. وفي هذا العام 2008 سنكون نحن أول شركة في منطقة الشرق الأوسط تطور صناعة انتاج الايثانول عضويا..
هذا المشروع بالمناسبة حاليا قيد التنفيذ وانتاج المصنع سيصل إلى 100 ألف ليتر يوميا ولدينا رؤية للتوسع في هذا النشاط باستثمارات تصل إلى 5 ,1 مليار ريال خلال الخمس سنوات القادمة، وهدفنا ان نكون الشركة الرائدة في صناعة الوقود العضوي في المنطقة. وقد تم حاليا وضع التفاصيل النهائية لهذه الشركة وتم تغطية رأس مالها من قبل مستثمرين مهتمين في اتحاد الصحالية وأيضا من خارجه وسيتم الإعلان عنها خلال هذا الشهر وتفعيلها سيتم خلال شهرين من الآن بإذن الله.
* متى تتوقعون أن يبدأ الإنتاج؟
خلال الربع الثالث من هذا العام.
لا مشكلة بين السعودية والإمارات حول التمور
نقلت بعض الصحف الخليجية مؤخرا أخبارا عما عرف بمشكلة «تسرب» التمور السعودية إلى الإمارات. ويقول فهد بن عبدالعزيز الصالح، رئيس اللجنة الوطنية للتمور في غرفة التجارة السعودية، حول هذا الأمر: لا اعتقد أنها كانت مشكلة بقدر ما كانت عملية تنظيمية طبقها الجانب الإماراتي للسيطرة والمحافظة على عمليات تسرب التمور السعودية إلى المصانع الإماراتية المدعومة حكوميا. وكما تعلم فنحن في السعودية لدينا تمور نوردها للإمارات بشكل منتظم دون مشاكل تذكر..
وما حدث يومها من وجهة نظري كان إجراء تنظيميا وهو حق طبيعي كان لابد للجانب الإماراتي اتخاذه، بهدف تنظيم عمليات استيراد التمور خصوصا في فترات جني التمور التي تتزامن مع موعد استقبال المصانع في الإمارات لهذه الكميات من التمور.. صحيح ان هذا الأمر اثر على مصدري التمور الخام من السعودية إلى الإمارات لكن بعد المفاوضات بين الجانبين اتفق على ان التمور السعودية المعبأة في عبوات مخصصة وبمواصفات معينة بوسعها ان تدخل إلى السوق الإماراتي دون اي مشاكل... وكل ما حصل يومها وبصراحة كان بسبب التصعيد الإعلامي الذي فعّل هذه القضية وكان ينبغي ان يكون هناك طرح ايجابي وأكثر عقلانية للمسألة برمتها.
دبي ـ علي الزكري
www.albayan.ae/economy/1203690497012-2008-03-11-1.624399
المقالات