رحم الله عبدالله ووفق سلمان
محمد بن سعد آل صالح
الحمد لله الملك ذي العظمة والاقتدار القائل (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ) والقائل (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) هذه حقيقة لابد أن تكون حاضرة لدى المسلم في كل حال وحين، وهذا ما خفف علينا الخبر المفزع بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فما أصعب فقد امتنا للرجال الكبار من ذوي القامات العالية مثل الملك عبدالله، فقد خيم الحزن العميق على كافة أجواء الوطن وبكت الإنسانية فقدان هذا القائد وقلبه الطيب واعتصر الألم محبيه وأبناء شعبه والذي افتقد بسمته فالكل من المواطنين والمقيمين يدعون الله له بالمغفرة والرحمة.
وهذه المشاعر من الجميع عن تكون وليدة الحزن على الرحيل لم تأتِ مفاجئة ولكنها نتائج عبر عقد من الزمن كان الجميع مشتاقا لطلة ملك الإنسانية ومخاطبتهم بلغة القائد الحنون وبتلمس حاجاتهم، ولن ينسى المواطنون دموع هذا القائد وهي تتفاعل مع قضاياه وتلك الكلمات العفوية والتي كانت تصدر من عمق وقلب هذا القائد والتي كانت لها تأثير واضح لأنها صادرة من القلب.
ولأن رحل هذا القائد عنا فستبقى أعماله وانجازاته وما قدمه للوطن وللأمتين العربية والإسلامية شاهدة له، فلم يكن رحمه الله ملكاً أو حاكماً عادياً بل كان صاحب مشروع حضاري طموح وكبير وكان صاحب نظرة بعيدة تنظر للمستقبل برؤية واضحة من أجل الرقي بشعبه ومواطنيه والدفاع عن قضاياهم وتحقيق أمنياتهم.
ولن ينسى التاريخ إنجازاته العديدة في الداخل والخارج من مشاريع توسعة الحرمين العملاقة والتي سيكون لها دور كبير في راحة المعتمرين والزوار، وكذلك الصروح التعليمية الكبيرة من التوسع في إنشاء الجامعات في جميع مدن وقرى المملكة، وكذلك الابتعاث الخارجي وإنشاء المدن الاقتصادية العديدة والتوسع في الخدمات الصحية والرقي بها ومشاريع الإسكان.
لقد كان يرحمه الله حريصا على خدمة أبناء شعبه وقريبا منهم وكان دائماً يحث المسؤولين على ضرورة الاهتمام بالمواطنين وراحتهم، ولئن رحل عنا هذا القائد فستبقى أعماله شاهدة له وخالدة وستظل محبته والدعاء له موجودة في أفئدتنا سائلين الله أن يجازيه على أعماله خير الجزاء.
ومما يخفف عنا أحزاننا بفقده الانتقال الهادئ للقيادة إلى ولي العهد سلمان بن عبدالعزيز وتلقيه البيعة كخادم للحرمين الشريفين وكذلك مبايعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز كولي للعهد والأمير محمد بن نايف كولي لولي العهد في صورة قل أن نجد مثلها في دول العالم، وهذا الانتقال يعطي العالم أجمع صورة مبهرة عن النظرة البعيدة لقادة هذا البلد من أجل رقيه واستقراره.
وخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز غني عن التعريف فهو خريج مدرسة ملوك المملكة السابقين وصاحب خبرة إدارية كبيرة تمتد على مدى سنوات طويلة اكتسبها من خلال مناصبه ومسؤولياته العديدة في الدولة، وخبرة سياسية من خلال زياراته المتعددة ولقاءاته بزعماء العالم ودوره الكبير في اتخاذ العديد من القرارات، وقد عرف عنه محبته للتاريخ والثقافة والمثقفين وحرصه على التطوير والأخذ بالمستجدات الحديثة، والاهتمام والتواصل مع المواطنين وذلك عن طريق استقباله لهم والاستماع
لقضاياهم.
رحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجعل ما قدمه من أعمال في ميزان حسناته، ووفق الله وأعان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ونائبيه على مواصلة المسيرة لهذا البلد المعطاء.
اللهم احفظ بلادنا وجنبها الفتن في ظل تمسكنا بعقيدتنا الإسلامية الحنيفية ووحدتنا الوطنية.
المقالات