1437-02-09

 

مجتمعنا وثقافة البوفيه المفتوح

محمد بن سعد بن صالح

    كان مجتمعنا يستخدم في السابق في أثناء الولائم والمناسبات نظام الأطباق الجماعية وهي وضع الأكل في عدد من الأطباق ويشترك في كل طبق عدد من الأشخاص يتحلقون حوله، حتى ظهرت آلية استخدام البوفيه المفتوح وهو القيام بوضع إطباق الطعام على طاولة وإتاحة ألفرصة للمدعوين لأخذ ما يحلوا لهم مع وضع بعض الطاولات لكبار المدعوين وتقديم الطعام لهم في أماكن جلوسهم، وهو أفضل من النظام السابق في عملية عدم الإسراف.

وهذا النظام جعلنا نتخلص من طريقة بعضنا في الأكل في السابق حيث تجدهم يزعجون الذين حولهم بتناول الأكل بيديه يميناً وشمالاً مع بعثرة الأكل من يديه مما يضطر بعضهم إلى ترك الأكل، وأين هؤلاء من توجيه المصطفى عليه الصلاة والسلام للغلام حين قال له: (يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك).

والبوفيه المفتوح يتم تنظيمه في المناسبات وكذلك لدى بعض الفنادق والمطاعم لقاطنيها ومرتاديها، ولكن برزت لدينا قضية عدم فهم أسباب استخدام هذا النظام الذي يهدف إلى عدم الإسراف مع تقديم عدد كبير من الأصناف المختلفة والمتعددة من اجل أن يجد الجميع ما يناسبهم ويحلوا لهم إذ أصبح بعضهم يعتقد انه لابد من الأخذ من جميع الأطباق ما يؤدي بالتالي إلى التخلص منها برميها بدلاً من إبقائها في الحافظات ومن ثم التصرف فيها.

وسأذكر بعض المشاهد التي حصلت أمامي ففي مكة المكرمة تقدم الفنادق المحيطة بالحرم خدمة الإفطار الصباحي ولما ذهبت إلى المطعم الذي يقدم عدداً من الأطباق الكثيرة جداً وإذا بإحدى الأسر تقوم بحجز طاولة كبيرة ثم تبدأ بجلب كثير من الأطباق والمشروبات عن طريق الأبناء ولما حضر رب الأسرة وزوجته وإذا بالطالة مملوءة بالكامل ثم بدؤوا في الأكل مع قيامهم بطلب أطباق إضافية ومشروبات أخرى وبعد الانتهاء وإذا بأكثر من نصف الأطباق لم يتم لمسها ثم بدأ عمال المطعم بالتنظيف للطاولة فقمت واستوقفتهم لأنهم سيرمون هذه في صناديق النفايات وحظر المشرف والمسؤول ولما شرحت له قال انه يمنع أعادة هذا الأكل فطلبت القيام بوضع بعض العبارات الإرشادية لتوضيح أن مصير الأطباق للنفايات.

وقد أوضح انه حاول كثيراً مع بعضهم وكانت الإجابة التي تصله "نحن دفعنا القيمة ومن حقنا تذوق جميع الأطباق".

والمشهد الآخر في إحدى المناسبات وإذا بشخص يقوم بأخذ طبقين ثم يقوم بتعبئتهما من جميع الأطباق الموضوعة بالبوفيه فالمقبلات والسلطات والمشويات فوق بعض وجلست أراقب الوضع وأتساءل كيف سيتناول المقبلات أو السلطات وقد اختلطت جميعها وإذا بهذا الشخص يتناولها مع بعضها ثم والأدهى انه يقوم بإزاحة هذه الأطباق إلى منتصف الطاولة ولم يتناول نصفها ويذهب لإحضار إطباق أخرى من الحلويات.

ومما سبق يمكن رصد أهم السلبيات في مجتمعنا عند استخدام نظام البوفيه المفتوح مع تقديم بعض الإرشادات.

معرفة أن وضع عدد من الإطباق لا يعني ضرورة الأخذ منها جميعاً بل تم توفيرها من اجل مراعاة اختلاف الأذواق.

البدء بالأخذ من المقبلات والسلطات وهكذا مع إلغاء فكرة الحياء عن التردد على البوفيه لأخذ ما تستطيع تناوله والسرعة في الانتهاء.

من باب الأدب والاتكيت انك إذا شاهدت أن هناك طلب من الجميع على احد الأطباق فهذا يتطلب منك أن تأخذ منه اليسير لإعطاء الفرصة للآخرين لتذوقه.

بعضهم يُنفر ممن حوله بطريقة استخدام البوفيه بطريقة وضع الأكل في طبقة بطريقة شرهة مقززه تجعل الجالسين في الطاولة يفرون منها.

إن قيامك بدفع قيمة الفطور أو العشاء في الفنادق لا يعني حقك بأخذ كثير من الأطباق وكثير من الأكل وأنت تعرف مسبقاً انك لن تستطيع أكله بل فقط من اجل إلحاق الخسارة بهم.

وفي النهاية فلنراع الله في هذه النعم التي قد نتسبب في رميها ولنعلم أننا سنسأل عنها قال الله تعالى: (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).

www.alriyadh.com/1102407

 

 

تحميل الملف
المقالات

التقويم

لتصلك أخبار الأسرة اشترك معنا