1435-01-13
• انت الآن تتصفح عدد نشر قبل 217 أيام , في الاحد 13 محرم 1435 هـ
 
الاحد 13 محرم 1435 هـ - 17 نوفمبر 2013م - العدد 16582

 

مجتمعنا.. والدراسات المستقبلية

محمد بن سعد بن صالح

محمد بن سعد بن صالح

    حُب المعرفة والسعي لاستقراء المستقبل من الصفات التي خلق وجبل البشر عليها والعلوم الحديثة تعتمد الدراسات المستقبلية كواحد من العناصر المهمة لنجاح المجتمعات والمؤسسات، لذا فإن أخطر ما يهدد الدول والمجتمعات عجزها عن قراءة ومعرفة المستقبل بصورة شاملة. إن الدراسات المستقبلية تعتبر من العلوم الجديدة نسبياً إذ لم تلق رواجاً لدى العلماء والمفكرين في الدول المتقدمة إلا في وقت متأخر، كما أنه قد حظي باهتمام أكبر وأوسع عندما تحول منذ مطلع التسعينات من مجرد تمرينات واجتهادات ذهنية وفكرية فردية من قبل طائفة من بعض العلماء والمفكرين إلى اجتهادات علمية منظمة أكبر حجماً وأكثر شمولاً وتنوعاً تقف وراءها وتدعمها وتمولها وتنشر نتائجها مؤسسات وهيئات دولية، ونجد أن هناك من يرجح بروز هذه الدراسات المستقبلية وتعاظم الاهتمام بها إلى عاملين رئيسين هما أزمة النظام الرأسمالي والتقدم العلمي والتقني، وقد أسفر العامل الأول عن ظهور كتابات حاولت أن ترسم صورة أفضل لمجتمع الغد تعتمد على مظاهر التقدم العلمي والتقني.

أما العامل الثاني وهو تطور أدوات المعرفة والقياس وأساليب تحليل النظم كتطور الأدوات المعرفية، فقد أعطى دفعة قوية للدراسات المستقبلية، يقول الروائي البريطاني وورثي worthy (إنك إذا لم تفكر بالمستقبل فلن يكون لك). ولأن المستقبل يولد في رحم الحاضر فإنك ستكون إزاء حقيقة (إن كل حاضر كان يوماً في إعداد المستقبل)، وسيصبح ماضياً فالعالم يعيش في حقبة زمنية حيث كل شيء ممكن ولا شيء مؤكد.

إن دراسات المستقبل تختلف عن التخطيط الإستراتيجي إذ تعنى الأولى بالتعرف على احتمالات ما سوف يكون في المستقبل أي إن نتائجها متعددة الاحتمالات مع محاولة ترجيح أي الاحتمالات أكبر واقعية فيما تعنى الثانية (التخطيط الإستراتيجي) بتحديد هدف معين مسبقاً ومحاولة الوصول إليه وبالتالي فإن الدراسات المستقبلية تساعد بشكل كبير في توجه التخطيط الإستراتيجي.

وللدراسات المستقبلية عدة فوائد من أهمها القدرة على اكتشاف المشاكل قبل استفحالها والاستعداد لمواجهتها أو التقليص من مخاطرها وتوضيح نقاط القوة الكافية في المجتمعات مما يمكنها من تحقيق ما تصبو إليه من تنمية مستمرة.

ومن المؤسف أننا في مجتمعنا نلاحظ بعض الإهمال لهذا الجانب لذا نرى أهمية وضرورة الاهتمام بالدراسات المستقبلية للعديد من القضايا والأمور الحيوية في مجتمعنا من أجل ان تكون الصورة واضحة لمتخذي القرار منها مثلا الاعتماد على البترول كمصدر وحيد لميزانية الدولة إذ يتطلب الأمر إجراء دراسات مستقبلية عن ذلك وما هي الوسائل التي يمكن ان تدعم الميزانية في حال نضوب البترول مستقبلاً وكيفية المحافظة عليه لأطول فترة ممكنة لتستفيد منه الاجيال القادمة.

كما ان الاعتماد على الدولة في التوظيف قضية تحتاج إلى دراسات إذ لا يمكن للدولة ان تستمر في ذلك، ومخرجات التعليم وتوظيف البنات من القضايا الحيوية مع دراسة الآثار المتوقعة لعودة أبنائنا وبناتنا المبتعثين للخارج، وقد تشبعوا ببعض الأفكار وأنماط سلوك، إضافة إلى بعض القضايا المتعلقة بالمجتمع المدني من إنشاء النقابات، والمشاركة والمساعدة في اتخاذ القرار وغيرها، اذ لا يمكن ان تكون بمنأى عن المجتمع الدولي من حولك.

ومن البديهي القول إن الدراسات المستقبلية تتيح للمجتمعات إضفاء بعد مستقبلي بعيد المدى على منهجية التفكير واتخاذ القرارات الرشيدة نحو مستقبل أفضل، كذلك إن ما نتخذه من قرارات في الحاضر سوف يؤثر بصورة أو بأخرى على مستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة.

ويمكن القول إن المجتمعات التي تهتم بتحقيق أهدافها وتنميتها وتطويرها واللحاق بركب التطوير هي تلك التي تعنى أكثر بالاهتمام بالمستقبل من خلال الدراسات والتحليلات المستقبلية وفق خطط علمية ومنطقية حيث بات من الضروري أن نواكب التطور العالمي السريع في مختلف مجريات الحياة أو بمعنى آخر لقد أصبح من الضروري أن نجاري سرعة المتغيرات والتحولات الإقليمية منها والدولية في مختلف نواحي الحياة وإلا فإن توقفنا لفترة زمنية بسيطة سيعني أن نتخلف عن الآخرين لسنوات طويلة في تلك النواحي، ومهما كانت احتمالات المستقبل فيجب إعداد العدة لمواجهة التحديات المتوقعة.

www.alriyadh.com/884619

www.sauress.com/alriyadh/884619

المقالات

التقويم

لتصلك أخبار الأسرة اشترك معنا